يقول الطبري في تاريخه ان أبا رغال رجل من ثقيف جاء مع إبرهة ضمن حملته ليدله على البيت العتيق للذي ببكة مباركا تمهيدا لهدمه ومنع العرب من التوجه إليه واستقطابهم نحو ( القليس ) الذي بناه إبرهة في صنعاء بدلا عنه ليسجل أبو رغال السبق بين العرب في خيانة قومه مقابل دريهمات معدودات فالعرب حينها لم يكونوا على دراية بأن أحدهم يمكن ان يخون قومه حتى ان شعراءهم حينها شككوا في صحة نسبه وصنفوه لقيطا !! بينما رفع عبد المطلب يده الى السماء ليقول كلماته الشهيرة ( إن للبيت رب يحميه !! ) ... وفي الطريق وعند موقع يقال له ( المغمس ) مات أبو رغال قبل ان يكمل مشوار خيانته ليدفن هناك ولما يزل موقع قبره مقصد كل راجم ولاعن ! حتى بات إسمه كنية كل خائن لشعبه وأهله ... تذكرت الطبري وتاريخه وانا أقرأ خبرا عن إلقاء القبض على عاصم جهاد مدير المكتب الاعلامي لوزارة النفط ونائبه بتهمة الفساد المالي والاداري بعد ان قضى طيلة السنوات المنصرمة منذ إحتلال العراق بمنصبه ورغم ان هذا الامر لا يعدو مستغربا من العراقيين الذين يعرفون كم من أبي رغال من الكبار والصغار يتقلدون اليوم مفاصل الحكم في العراق الجريح إلا ان له دلالاته فأبو رغال الكبير وزير النفط الشهرستاني الايراني متشبث به وقاوم تنفيذ أمر إلقاء القبض عليه بموجب صلاحياته وفق المادة (136 ) من قانون اصول المحاكمات التي تمنع اعتقال أي موظف رسمي الا بموافقة الوزير خوفا من كشف المستور فعاصم جهاد يعرف البير وغطاه ! إلا ان إتفاقا لاحقا أبرم بين أقطاب دولة القانون كما يتمشدق نوري المالكي ! من شأنه أن يتم إطلاق سراحه بكفالة تمهيدا لتهريبه خارج العراق ويا دار ما دخلك شر ! وهكذا كان إذ عاد قاضي النزاهة الذي أصدر بحقه أمر القبض ليصدر أمرا لاحقا باطلاق سراحه بكفالة مائة مليون دينارعراقي ! يا بلاش ! ألم يكن من المفروض ان تكون عملة الكفالة صعبة بالدولار من جنس عملة تسعير برميل النفط الذي يسرقون ؟ وقبل هذا وذاك نتساءل كيف يتم اطلاق سراحه بكفالة ووفق أية مادة قانونية والتهمة خطيرة تتعلق بفساد مالي وإداري ضارب أطنابه بعمق من باب وزارة النفط حتى ( محرابها ) !!
ولما أنته من كتابة الموضوع حتى يصدق حدسي فيعلن ناطق بإسم القوات الامنية عن إختفاء الناطق بإسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد والمتهم كما قال بملفات فساد مالي وإداري كبيرة عل حد وصفه مضيفا ان البحث جار عنه !! مؤكدا كالعادة ( لاستكمال ديباجة المسرحية ) عن قيام القوات الامنية بالسيطرة على المنافذ الحدودية لمنعه من الهرب !! ملقيا المسؤولية على (عاتق) وزارة العدل التي أطلقت سراحه بكفالة ولم تتحفظ عليه !! وعلى ذكر ( عاتق ) فإن معناها في المعاجم الرقبة الطويلة ألتي تحتمل أكثر مما تحتمله القصيرة فأية رقبة عاتق هذه التي تمتلكها وزارة العدل في العراق لتعلق عليها كل هذه الموبقات بإسم العدالة ؟
بعد هذا وذاك فإن عاصم جهاد يمثل نموذجا مصغرا عن سياسيي العهر في العراق المحتل من اللصوص والسراق فتراه ان أراد بث إعلانات ودعايات خاصة بالنفط جعلها بكل شفافية ! من نصيب المكتب الاعلاني الشخصي الذي يمتلكه لينساب بتدفق متسارع المال العام في جيوبه بلا وجع قلب ! وأن أراد بثا حيا لبرنامج تلفزيوني مثل ( النفط والمستقبل ) سارع بكل شفافية لاعداده عن طريق مكتبه الشخصي هو الاخر ليبث على قناة العراقية ! حيث ينفرد أخوه زاهد جهاد في القناة المذكورة بفحص المواد التلفزيونية ! رغم ان عاصم جهاد لا يحتاج لمن يمرر مواده في قناة العراقية لكونه يعمل رسميا فيها بمنصب مراقب عام لشبكة الاعلام العراقي ويستلم راتبا بالشيء الفلاني وبشكل رسمي عن منصبه هذا رغم إنه مدير المكتب الاعلامي بوزارة اخرى هي النفط عملا بمبدأ زيادة الخير خيرين !!! في سابقة لم يجرؤ أحد في دول العالم المتقدمة والمتخلفة على الاتيان بها وحتى في جمهوريات الموز التي بات العراق يقع تحت توصيفها ....
ورغم ان عاصم جهاد لا يستحق الكتابة عنه فهو صغير حد استنكاف السطور مبتعدة عنه تاركة بضع نقاط سوداء تحكي تاريخه إلا إنه يمثل كما أسلفنا نموذج أبي رغال المتوطن في خلفية حكام العراق اليوم المتربعين كقطع الشطرنج في مصفوفة وضعها الاحتلالان الاستعماري الاميركي والاستيطاني الايراني إن سقطت أحداهن بفضيحة هبت باقي القطع دفاعا عنها ليس حبا ولكن خوفا من هتك سترها لترابطها في الفساد معا وسمسرة بعضها للبعض ألاخر كما يجري اليوم بين وزراء ونواب ومتنفذين ... فمن جانبه صرح عرابه وزير النفط حسين الشهرستاني بعد ان أمّن هروبه بأنه غير مسؤول عنه والمسؤولية تقع على عاتق (!) الجهة السياسية التي رشحته لهذا المنصب !! ناسيا أو متناسيا إن تلك الجهة لا تخرج عن إطار المحتل الذي رشحه وزيرا في حكومة إحتلال كما رشح من قبله عاصم جهاد مديرا لمكتبه الاعلامي ! والذي ليس خافيا ومنذ الايام الاولى للاحتلال كيف عرض خدماته للمستشارة الاميركية لشؤون الاعلام في إدارة اللعين بول بريمر ... إنه التاريخ يأبى إلا أن يعيد نفسه فإذا كان أبو رغال قد شبع لعنا ورجما منذ عام الفيل حتى اليوم والى ما يشاء الله وهو لم يكمل مشوار خيانته فما بال هؤلاء ألذين أكملوه وأتموه والمغمس العراقي لهم بالمرصاد لعنا ورجما... ألا لعنة الله على الظالمين ... فللعراق رب يحميه ومقاومة تذود عنه .
إنه نبض يمتد لألاف السنين تراثا وتاريخا وحضارة . لنتكاتف جميعا من أجل أن نعيد الحيوية لنبض عراقنا بعد ان جثم المحتل وعملاءه على الصدور ...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق