إنه نبض يمتد لألاف السنين تراثا وتاريخا وحضارة . لنتكاتف جميعا من أجل أن نعيد الحيوية لنبض عراقنا بعد ان جثم المحتل وعملاءه على الصدور ...

الجمعة، أبريل 17، 2009

وافق شن طبقة ... الشهرستاني والدلوعة الانغولية مثالا ... مصطفى العراقي


في إعلان لها ذكرت وزارة النفط العراقية انها أختارت بضع شركات من مجموع 34 شركة عالمية تقدمت بعروض لتطوير واستثمار حقول نفطية بلغ عددها 11 حقلا من أهم حقول النفط بالعراق ومنها حقل مجنون والذي يعتبر من أغنى حقول العالم من حيث احتياطياته النفطية الكامنة ... وإختيار هذه الشركات يبرز مشكلة ويكمن في فضيحة ! أما المشكلة فإنها ليست من الشركالت المعروفة عالميا ولا تمتلك باعا طويلا في مجال استكشاف النفط واستثمار حقوله وتطويرها فمنها الشركات الفيتنامية والباكستانية والهندية والانغولية رغم ان عدد الشركات المختارة لتتقدم بعروضها هو تسع شركات فقط ! جميعها سبحان الله غير ملتزمة ببيانات الشفافية ومتطلباتها ومنها أن تكشف عمّا إذا كان لديها نظاما سلوكيا يحتوي على قوانين محدّدة لمكافحة الرشوة وأن تكشف عن فحوى هذا النظام وتقييمه للإشراف الداخلي وعن أدائها في تطبيقه. ومن هذه الشركات المختارة شركة سونانغول الانغولية وهي شركة حكومية تعنى بشؤون توقيع عقود نفطية مع الشركات الاجنبية لاستكشاف واستثمار وتطوير الحقول النفطية في أنغولا ... وبتعبير دقيق فإنها شركة إدارية أكثر من كونها فنية وتستعين بالشركات العالمية من خلال عقود يتطلب تنفيذها الخبرة الفنية وكان حريّ بوزارة النفط العراقية التي يرأسها الايراني حسين الشهرستاني ان تستقطب شركات عالمية معروفة في مجال خبرتها الفنية وتاريخها النظيف في التعامل مع الاطراف التي توقّع عقودا معها وليس مع شركة لا تمتلك من الخبرات الادارية والتسويقية أكثر مما يمتلكه العراقيون الذين أداروا مواردهم النفطية بنجاح منقطع النظير منذ تاميمه عام 1972 لتتراكم لديهم من الخبرات ما قلّ نظيرها في كثير من دول العالم ...

فما الذي دفع بالشهرساني لتحديد هذه الشركات بالذات لتتعامل مع حقول نفط يسيل لعاب دول كبرى عليها ؟ متخذين من شركة سونانغول الانغولية مثالا ... المثل العراقي يقول ( يدهدر الجدر ليجد غطاه ! ) ويبدو ان الايراني الشهرستاني وجد ضالته في الشركة الانغولية وما شابهها من شركات ! فهذه الشركة الانغولية المسماة بسونانغول لها تاريخ طويل في عدم الشفافية ومقدرة متطورة بالحسابات ( القانونية ) في إبتلاع المليارات من عائدات النفط الانغولي والذي وصل الى 40% منها ! أي إبتلاع نفس النسبة تقريبا من مدخولات الخزينة الحكومية في أنغولا بإعتبار ان النفط يشكل90% من الواردات الانغولية !! في بلد يعاني معظم سكانه من العيش تحت خط الفقر بمراحل حتى كانت المجاعة تنهش بأجسادهم كما تنهش سونانغول عائدات النفط !! وما أشبه أنغولا بعراق اليوم !

ولاستكمال القصة فإن أخبار الفساد والمفسدين في أنغولا المتخفين وراء واجهات سونانغول النفطية عمت المعمورة وروائحها أزكمت النفوس قبل الانوف مما حدا بمنظمة شاهد العالمية ( ويتنس كلوبال ) للكشف عن إختفاء عائدات النفط في ئانغولا على نطاق واسع وطالبت بالوقت نفسه من الشركات العاملة فيها بإتباع أقصى حد من الشفافية وبالخصوص فيما يتعلق بالرشا بإعتبار ان هذه الشركات بضغط من الحكومة الانغولية متمثلة بشركة سونانغول كانت تخفي معلومات مهمة عن الضرائب ومدفوعات مختلفة متوجبة للحكومة الانغولية بالتواطؤ مع مسؤولين حكوميين فاسدين في سونانغول ! ويبدو ان هذه النداءات القادمة من منظمة شاهد العالمية قد وجدت اذنا صاغية لدى إحدى الشركات العالمية العاملة في أنغولا بعقد مع سونانغول مما جعلها تقدم وعودا بالكشف عن مدفوعاتها للحكومة الانغولية وهنا كانت ردة فعل سونانغول الحادة حيث هددت الشركة العالمية بفقدان إمتيازاتها وعقودها الحالية والمستقبلية ان هي تجرأت على كشف مدفوعاتها للحكومة الانغولية !! هذا الموقف الحاد الذي وجّه بكتاب رسمي للشركة المعنية مع نسخ منه لباقي الشركات النفطية الاجنبية العاملة دفع بالكثير منها بإختلاق أعذار واهية تفاديا لكشف مدفوعاتها الحقيقية وبالتالي فقدان عقودها في بيئة تحتضن مكامن نفطية يسيل لها اللعاب ومن هذه الاعذار انها لو نشرت تفاصيل مدفوعاتها فلا يمكن حساب العائدات الاجمالية التي تحصل عليها الحكومة الانغولية بسبب تراكم الحسابات في سونانغول التي لا تنشر الا القليل من المعلومات ! مما يعني إعترافا ضمنيا بوجود فجوة كبيرة في الحسابات ... إلا ان هذه الحجة ضعيفة وواهنة كما تقول منظمة شاهد العالمية ولا تحمي الشركات من تهمة التواطؤ مع القادة في انغولا لانه من الممكن الحصول على مقدار تقريبي لعائدات سونانغول لو نشرت جميع أو أغلب الشركات العالمية العاملة في أنغولا حساباتها بموجب قوانين النزاهة والشفافية المعتمدة عالميا ... لتعود هذه الشركات المتواطئة مع سونانغول لحجة أخرى وهي ان نشر مثل هذه الحسابات يسيء لسياسة السرية الشرعية لهذه الشركات وهذه حجة تقول عنها منظمة شاهد العالمية باطلة ايضا حيث بالامكان دمج الارقام الصادرة عنها في حزمة أرقام واحدة تحتفظ بشرعية السرية لديها ... ان شركة سونانغول الانغولية أحرزت بجدارة لقب ( الدلوعة ) الذي أطلقته عليها المنظمات غير الحكومية في بقاع شتى من المعمورة لانها ومن خلال التهديد بفقدان العقود ومواطيء القدم على الاراضي الانغولية تمكنت من فرض دلعها وتحكمها بشركات عالمية كبرى تسعى للربح في بلد مثل أنغولا أهدرت ثروات شعبه علنا لصالح طغمة فاسدة من الحكام ... والشهرستاني اليوم كما يبدو قد عقد العزم بالاستفادة من خبرات الدلوعة سونانغول في مجال الفساد والافساد ... وعودة للسؤال ذاته في بداية حديثنا عن الذي يدفع الشهرستاني لمثل هذه الشركات فإن الجواب بات واضحا فالشركة التي تبتلع المليارات في بلدها لن تتوانى عن إبتلاع أضعاف مضاعفة منها لصالحها وصالح نفس شريحة الحكام الفاسدين في العراق وأنغولا !!

بعد هذا وذاك فإن مراقبين دوليين يشمون في طبيعة الشركات المختارة روائح نتنة منها ما هو قادم من تل أبيب وأخرى تحمل إصفرار بذور الخشخاش الايراني حيث ان سونانغول لا تخفي علاقتها المالية مع تل ابيب كما لا تخفي شركات كازاخستانية تلك العلاقة مع طهران ! نعم فمن بين هذه الشركات ( العملاقة !! ) التي سيسلم لها الشهرستاني نفط العراق تجد الشركة الكازاخستانية والفيتنامية والباكستانية والهندية والانغولية !!

والحديث عن هذه الشركات يقودنا لما صرح به شاهد من أهلها !! النائب في البرلمان العراقي جابر خليفة جابر مؤخرا عن نية لجنة النفط والغاز إلغاء جولات العروض الحالية كما تسعى اللجنة لالغاء إتفاق الغاز وبقيمة مليارات الدولارات وقعته وزارة النفط مع شركة رويال داتش شل العام الماضي واصفا إياه بغير الدستوري (!) حاله حال الاتفاق الذي أبرمته الوزارة ذاتها مع شركة ( سي ان بي سي ) الصينية علما ان الاتفاقين قد جوبها باعتراضات عديدة من حيث المضمون إذ ان الاتفاق مع شل يمنحها حق إحتكار الغاز العراقي والذي لم يمنح الاولوية لتجهيز السوق العراقية خلافا لما أعلنه وزير النفط والشركة المعنية ذاتها ! وبهذا فإن شركة شل بموجب قوانين دلع الشهرستاني ستحصل على الغاز وتصدره للخارج بينما تستورد السوق العراقية بأسعار باهظة إحتياجاتها منه !! كما ان مراقبين أشاروا الى ان الاتفاق مع شل بكل ما فيه من إساءة للاقتصاد العراقي جاء على أساس مكافأة المحتل حيث ان شركة شل هذه رغم انها مسجلة في هولندا الا ان رأسمالها أميركي أما ما قاله المراقبون عن الاتفاق مع الشركة الصينية فإنه يأتي بموجب أوامر صدرت عن طهران بشكل مباشر للايراني الشهرستاني كمكافأة هي الاخرى لموقف الصين تجاه الملف النووي الايراني في مجلس الامن والمحافل الدولية ... ومن الجدير بالذكر فإن شركتين روسيتين كانتا من ضمن الشركات المعدودة هما روسيا نفط وتاتا نفط إضافة للهندية والكازاخستانية والباكستانية والفيتنامية والدلوعة الانغولية التي يحق لها التقدم لاستثمار الحقول المهمة لسبب لا يختلف كثيرا عن الاتفاق مع الشركة الصينية بأوامر من إيران لموقف روسيا المساند في الملف النووي كما في التسليح الايراني !! ولعل تأكيد نوري المالكي في زيارته الاخيرة لروسيا على موضوع الاستثمار النفطي الروسي في العراق دليل أكيد على ما ذهبنا إليه .


ليست هناك تعليقات: