كانت تصريحات مسعود برزاني لصحيفة لوس أنجلس تايمز واضحة وجلية لا يكاد المبتديء في الترجمة ان يفهم منها خلاف ما صرح به وقاله للصحيفة المذكورة على خلاف ما ذكره بعض منتسبي حزب بارزاني من ان الذي سبب سوء فهم لتصريحاته هي الترجمة ليس إلا ... والترجمة قميص عثمان ... أعتاد برزاني وزمرته تحميلها أكثر مما تستحق كلما شعروا بان رئيس أقليم كردستان العراق قد تجاوز الحدود التي ينبغي ان يحافظ عليها حرصا على وحدة العراق وسيادته اللتان باتا في مهب الريح كلما أراد الساسة الكرد كسب المزيد على حساب العراق .... فما قاله برزاني واضح وجلي إذ إنه هدد بالانفصال عن العراق في حالة تغيير الدستور أو تعديله وهو تهديد كرره برزاني اكثر من مرة خلال السنوات القليلة المنصرمة مذ أحتل الاوباش أرض العراق بمباركة عملاء الشيطان الاكبر والاصغر ... فبرزاني يعلم جيدا ان الدستور كتب في ظروف غير طبيعية وبضغط المحتل أستغلها الحزبان الكرديان الحاكمان في تمرير فقرات من شأنها ان تبقي العراق ضعيفا مقسما ومهددا حتى من حثالات عرف عنها الخداع والخيانة والتمرغ بالعبودية ... ومع استغلال الحزبين الكرديين للدستور المتهريء سارع عبيد إيران للنيل منه أيضا بوضع جنجلوتيات تبرأ منها دساتير حثالات الدول ناهيك عن دساتير الدول التي توصف بالمتحضرة حتى كاد الدستور بأعلى صوته يصيح أدركوني ...
فبرزاني اليوم يتهم نوري المالكي بالاستبدادية وكأنه بعيد عنها في إقليمه الذي يحتضر مع إحتضار العراق ككل وهو يعلم علم اليقين ان المالكي أو غيره لا يجد سوى الاستبداد سبيلا ليحكم في بلد هكذا هو دستوره وهكذا هي ديمقراطيته التي يتمشدقون بها وهكذا هو الفساد الذي يعشعش على هرم السلطة فيه من قمته لقاعدته وقبل هذا وذاك فلا سبيل غير الاستبداد مسلكا في بلد يقوم على الحكم فيه زبانية محتل باعوا الضمير والكرامة والحياء للاستحواذ على كراسي السلطة ليمرر كل منهم مخطط جاء به ولاجله لاهثا وراء دبابات المحتل وهي تدوس بسرفها أرض الانبياء والاولياء ... إن برزاني الذي كان يستجدي النظام السابق ولغاية أيام قبل سقوطه باتت عنده تهمة الارتماء بأحضان هذا النظام تهمة لا تغتفر يكيلها لكل من يخالفه الرأي ويقف أمام تجاوزاته غير المنطقية على حقوق العراقيين ووحدة بلدهم بل انه وجه تهمة الصدامية لأناس يكنون للنظام السابق أقصى درجات الحقد والكراهية ليجعل منها موازية لتهمة معاداة السامية التي يستعملها اليهود ضد كل من يقف حجر عثرة أمام تطلعاتهم الخبيثة في المنطقة وأصقاع أخرى من العالم ! وها هو اليوم يكيلها جزافا بتوجيه عنصري يهودي لكل من يرى في طموحه غير المشروع تفتيتا للعراق ويكيلها حتى لأؤلئك الذين أستغربوا من تصريحاته السابقة لوسائل إعلام غربية حول استعداده إقامة قواعد أميركية في كردستان العراق !! وكأن كردستان ضيعة أبيه التي ورثها بمباركة الموساد الاسرائيلي وكل من أعتاد والده الارتماء بأحضانهم على مر عقود مسببا للعراق وشعبه الكردي قبل عموم العراقيين الاسى والضياع ....
كلنا نتذكر برزاني عام 2003 ظهر علينا وكأنه حمل وديع لا يريد الا الخير للعراق فأستدرج بذلك البلهاء من ساسة العراق بعد الاحتلال ليمنحوه بمباركة المحتل ما لا يحلم به العراقيون أنفسهم من مكاسب وحقوق دستورية إلا إنه سرعان ما كشر عن أنيابه مثيرا الازمة تلو الاخرى إبتداءا برفض العلم العراقي الذي وقف تحت ظله محتميا من غطرسة صاحبه جلال طالباني عام 1996 حين أراد إبتلاعه بمعونة إيران ومن ثم توالت الازمات والمشاكل المثارة بوقوفه ضد تعديل الدستور الذي بقي معطلا طيلة السنوات الماضية رغم اتفاق الجميع حينها على ضرورة تعديله ... ووقوفه أمام تسليح الجيش العراقي الذي لعب دورا بارزا في تفكيكه وحله يدا بيد مع العملاء القادمين من ايران الهزيمة والخسران مرورا بأزمة كركوك التي أوفد اليها مئات ألوف الاكراد القادمين من ايران وتركيا وسوريا بهدف تغيير ديمغرافية المحافظة لابتلاعها لاحقا ومن ثم حديثه عن سهل نينوى هذا المصطلح الجديد الذي لم نسمع به ولم نقرأ عنه في كتب التاريخ والجغرافية العراقية والعربية والاجنبية كجزء له خصوصيته عن نينوى !! ناهيك عن حملات السرقة التي شملت كل شيء على ارض العراق بضمنها تفكيك معامل قائمة بذاتها ليبيعها خردة للايرانيين والاتراك منتهكا بذلك ابسط قواعد الانتماء لتربة العراق ومثيرا لعار تنأى عن قبوله حتى العاهرات ....
ان الحالة التي وصل لها برزاني وتعنته غير المستساغ وتهديده بين فينة واخرى بالانفصال هذه الاسطوانة المشروخة يتحمل وزرها وبشكل رئيس الائتلاف الموحد الذي ومنذ الايام الاولى للاحتلال وضع يده بيد الحزبين الكرديين الانفصاليين في مسعى لخلق أغلبية إنتخابية وبرلمانية يكرسون من خلالها أطماعهم بالعراق وفق عملية ديمقراطية !! فصلها بريمر وخاطتها إيران وإسرائيل ... واليوم وبعد ان أستأسد الفأر وبدت واضحة للعيان أهدافه المقيتة في حرمان الاخرين من حقوقهم والتشبث في إختلاق حقوقه التي ما أتى الله بها من سلطان بدت وبشكل واضح النعرات بين الحزبين الكرديين من جهة وحليفهما الائتلاف الموحد من جهة أخرى والذي ما عاد موحدا بعد حصول ما حصل بين كتله وتياراته لينفضوا أيديهم عن الحليف الكردي اللهم بإستثناء مجلس الحكيم الذي يرى بمنح كل ما يطلبه الحزبان الكرديان في كركوك ونينوى وجزء من ديالى على ان لا يمس الاطماع الايرانية فيها مقابل تأييد الحزبين الكرديين لطموح المجلس في خلق إقليمهم المستقل عن العراق والمرتبط قلبا وقالبا بالام التي رضعوا حليبها الفاسد إيران ....
فلو كانت الخصومة بين الحزبين الكرديين ومن قبلهما حزب برزاني الاب منفردا مع أنظمة الحكم في العراق تتلخص بخصومته مع النظام السابق فقط لقلنا ان هذا النظام لم يكن على حق مما ولّد هذه الخصومة رغم انه منح الاكراد حكما ذاتيا يحلم به أكراد مناطق أخرى غير العراق ... إلا ان الخصومة شملت كل أنظمة الحكم التي مرت على العراق منذ تأسيس الدولة العراقية وقبلها إبان الحكم العثماني ! وهذه الحقيقة تشير بشكل لا لبس فيه الى ان الرغبة التي تكمن في عقول ساسة الكرد رغبة عدوانية تسعى لتقسيم العراق والاستحواذ على ثروات لا تدري مصيرها ولأية جيوب تتدفق ولعل مقولة برزاني الاب في بداية السبعينات ( تانكي نفت إلك .. تانكي نفت إلي ) خير شاهد على طبيعة هذه الرغبة العدوانية ! وإن موافقة حكومة الاحتلال بتخصيص المليارات سنويا من ميزانية العراق دون معرفة سبل انفاقها حيث ان المحافظات الكردية الثلاث غير مشمولة بكشف حساب الانفاق العام لحكومة المركز كسائر باقي المحافظات العراقية أمر مهين وبالتالي فلا غرابة ان نسمع عن أسلحة إسرائيلية تم توريدها لكردستان العراق لتكون غدا بالضد من الجيش العراقي تلك الفضيحة التي نفاها كالعادة محمود عثمان وزبانيته من نواب ومسؤولين الا ان الشركات الاسرائيلية التي جهزت كردستان بالسلاح أكدتها !! وعلى رؤوس الاشهاد ولم يتحرك حينها المالكي للاستفسار والتأكد حالها حال باقي الفضائح الكردية التي أزكمت الانوف سواء في كردستان العراق أو في المصالح والمؤسسات التي يهيمن عليها الحزبان الكرديان في حكومة المركز ولعل فضائح وزارة الخارجية وما يجري فيها من مفاسد وتعيين كل من هب ودب سفراء للعراق يرفعون علم الاقليم على ابواب سفاراتهم متخذين منها مراكز تجارة ولصوصية وفساد ورشى بغية الاساءة للعراق وإلا كيف نبرر تعيين ضابط برتبة ملازم - هرب من صفوف الجيش العراقي بداية السبعينات ليلتحق بمتمردي برزاني حينها – رئيسا لاركان الجيش العراقي بعد منحه رتبة فريق أول والذي يستحق بفضل ذلك ان يدخل موسوعة غينتس من أوسع ابوابها فهو الضابط الوحيد في العالم الذي رقّي َ من رتبة ملازم الى رتبة فريق أول مباشرة دون المرور بتسلسل الرتب والادهى في هذا كله يعين رئيسا لاركان الجيش العراقي ... فأي استخفاف بالعراق وجيشه وأي مذلة هذه التي يتحملها الائتلاف الايراني اللاموحد في قبوله بمثل هذه الشراذم إلا إذا أتفقت الاهداف والغايات !!
ان شعبنا الكردي في العراق بكل ما عرف عنه من إخلاص وتعلق بالعراق سينتفض آجلا أم عاجلا رغم الحديد والنار الذي يكتوى به بأيدي جلاديه ولعل تململ العشائر الكردية مؤخرا وظهور أحزاب تنادي بضمان وحدة العراق قلبا وقالبا دليل قاطع على طبيعة هذا الشعب الغيور على القيم والتقاليد والمباديء وإن غدا لناظره قريب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق