إنه نبض يمتد لألاف السنين تراثا وتاريخا وحضارة . لنتكاتف جميعا من أجل أن نعيد الحيوية لنبض عراقنا بعد ان جثم المحتل وعملاءه على الصدور ...

الثلاثاء، نوفمبر 03، 2009

( الاحتلال = العهر ) ... معادلة لا تتغير بتغير الزمان والمكان ... ومتعودة دايما !


ما يجري في العراق اليوم وهو يرزح تحت نير الاحتلال لا يمكن وصفه الا بالعهر والا كيف نفسر سيل الدماء غير المنقطع في شوارعه يوميا ومنذ ان وطأ المحتل أرضه يلهث خلفه العاهرون من حكامه اليوم وكيف نفسر ما يجري اليوم من فساد مالي واداري واخلاقي .. وكيف نبرر التسارع في تسلق خط الفقر لهامات العراقيين ليبلغ اليوم 23% من سكان العراق وحسب قول العاهرين أنفسهم والرقم الحقيقي أعلى من ذلك ... وكيف نبرر قيام كانتونات العصابات في أحياء ليست في محافظات العراق فحسب بل في العاصمة بغداد ذاتها .. عصابة تستمد قوتها من جيش المهدي وتلك من حزب الدعوة واخرى من بدر كما جرى أخيرا من إجرام فاق التصور في حي العامل ببغداد بخطف صبي ومطالبة اهله بفدية دفعوها وهم مرغمون ليجدوا ابنهم قتيلا في اليوم التالي بحافظة أزبال ليست بعيدة عن دارهم ... أليس هذا هو العهر بعينه ؟ وهل كل هذا العهر كان له ان يحدث لولا الاحتلال ؟ ألم أقل لكم ان الاحتلال = العهر ؟ وان كل من يدافع عن الاحتلال ويبرره أو يدافع عن عملاءه ويبرر سلوكياتهم هو عاهر لا محالة ... هذا مقال للاستاذ الدكتور عبد الكاظم العبودي يتحدث فيه عن ممارسات الاحتلال الفرنسي في الجزائر وكأنه يتحدث عن مجريات حالية على ارض العراق الجريح بالاحتلال وضباعه من العملاء ... المعادلة ذاتها لا تتغير ... الاحتلال = العهر ... أترككم مع المقال :

ثورة نوفمبر مسحت ديمقراطية المنافقين ... د.عبد الكاظم العبودي
عندما بدأ الاستعمار الفرنسي الاستيطاني يتهيأ للاحتفالات المئوية المخلدة لبقائه في الجزائر عام 1930، شهدت الجزائر في فترة ما بين الحربين حقبة تاريخية تشبه الى حد ما يحدث الآن في العراق المحتل، باعلان فرنسا الدموية انتهاجها لشعاراتها المنسية منذ الثورة الفرنسية حول: الاخوة، المساواة، والديمقراطية... طريقا جديدا لتطويع بقية من الجزائريين المقاومين للاحتلال وتضليل الرأي العام بهذه اللعبة.
وقد تصدت لمهزلة "الديمقراطية الفرنسية" في الجزائر، ولتوابعها من الاحزاب والشخصيات الجزائرية التي انساقت وراء أوهام الاندماجيين، مقالات الشيخ المجاهد محمد البشير الابراهيمي، بمجموعة مقاومة من المقالات السياسية، عبر من خلال اسلوبه الادبي الساخر عن تصديه الحازم والرافض لمثل ذلك المسار المغرق بالخيانة الوطنية وقبول الانخراط في مخططات العدو الفرنسي وتزكية سياسات الاحتلال ومخططاته.
ففي مقالته: "عادت لِعِترِها لميس"، استعرض الابراهيمي في البصائر 2 الصادرة في 24/1/1949 جملة من القضايا والظواهر السياسية التي انساقت اليها بعض القوى الجزائرية اللاهثة وراء الاحتلال بحجة الدفاع عن حقوق الشعب الجزائري واسترجاع السلطات من ايدي الاحتلال من خلال الانتخابات التي ينظمها الاحتلال نفسه، وعلى ذلك الوهم القاتل تم تشكيل الاحزاب في "إطار القانون الاستعماري" وفي ظل الاحتلال والانخراط في المسرحية الديمقراطية لقوات الاحتلال من خلال الانتخابات. من هنا جاءت مقالة الابراهيمي ""عادت لِعِترِها لميس".
و"لميس" هنا في مورد المثل الذي عنون به الابراهيمي مقالته، هي إمراة كانت لها "عوائد"، يعني، وعلى ما يردده الممثل الساخر عادل امام في مسرحيته "شاهد ما شافش حاجة"، "متعودة". وهي لميس ذات العوائد، لها شرور، تعتادها، وأخلاق سوء قد تفارقها، ولكنها سُرعان، ثم ما تلبث ان تقارفها مرة أُخرى، لغلبة وطبع الفساد فيها... والعِتر هنا هو الاصل". وكما يقول العراقيون بمثل هذه الاحوال: " عادت حليمة لعادتها القديمة". و"لميس" وأشباهها " حليمة" وغيرها يعني " متعودات"...
وفي مضرب المثل أعلاه يقصد الابراهيمي "الادارة الجزائرية للاستعمار"، او كما سماها " الحكومة" التي وردت في مصطلحاته لمن كان يريد ان يحكم الجزائر عن طريق الصندوق في ظل الاحتلال، رغم أنها محتلة. ان تلك الحكومة كانت جَدة حكومات الاحتلال الاربعة في المنطقة الخضراء، لانها تبنت أيضا شعار الديمقراطية للجزائريين عندما ساوت مع الاقدام السوداء واللفيف الاجنبي وقطعان المستوطنين الغزاة لتحكم الجزائريين باسم الاخوة والمساواة والديمقراطية من خلف أسماء الجزائريين العملاء الذين ارتضوا بالعملية السياسية الشوهاء.
سأترك لبعض من فقرات مقالة الابراهيمي ان تقول كلمتها التاريخية هنا، إزاء ما يُطبخ اليوم في مطابخ ومعالف المنطقة الخضراء رغم مرور 60 سنة على هذه المقالة التي تُصنف ضمن النصوص المقاومة للإحتلال الفرنسي.
(... اما "حكومة الجزائر"، فانها تتعمد تلك المعنويات بالقتل الحي، عمداً على الإصرار، وجهراً ليس فيه سرار، وعناداً لا توبة فيه، ولا توبة منه، وغاية أمرها، أنها تُسِن القوانين القاتلة، وتتناسى تنفيذها الى حين، تغليطاً للمغفلين، وإيهاماً للمُنتقدين. فاذا عادت من جبروتها عيد، عمدت الى تلك القوانين فأخرجتها كما يُخرَج السلاح لوقت الحاجة، فإذا إقتضتها الظروف شيئاً من التعمية والإيهام، وضعت تلك الاسلحة التي أسمتها القوانين، في أيدي بشرية، ممن يلبس لباس هذه الامة المسكينة ويدعي بإسمها... وقالت له:
ـ ارمِ بهذا، فإنما خلقتُك لهذا، ورزقتك لأجل هذا، ورفعت ذِكرك لمثل هذا، وإنتخبتكَ لتنفيذ هذا، وأوطأت الناس عقبك لتقويم هذا...
ـ إرمِ دينك باسم دينك، واخدع أُمتك، وأكذب على تاريخك، بإسمِه، وعَف رسومَه بما بقي من رسمه....
ـ أجهزْ على البقية الباقية، ولك مني الجنة الواقية، والمنزلة الراقية، وفي خدمتك المذياع، وفي نُصرتك الأتباع والأشياع...).
(... هذا ما يقوله لسان الحكومة لصنائِعها... حين تريدهم على تنفيذ رغائِبها الاستعمارية. وإن لها في كل ما ترمينا به هذين النوعين من الأسلحة: سلاح القانون، وهو تحت يدها، وهذا النوع المُسترذَل من السلاح البشري، وهو تحت رجلها... ولكنها تسكت ما تسكت، لحكمة استعمارية ثم تعود... كما عادت لِعِتْرِها لميس...).
(... ان الديمقراطية عند حكومة الجزائر كصلاة المنافقين، لا تُزكي نفساً، ولا تَنهى عن فحشاءٍ، وتفضُلُها صلاة المنافق، بأن فيها من الصلاة، مظهر الصلاة... فإن الديمقراطية عند الأُمم التي تنتحلها وتزعمها لنفسها تتجلى في عدة مجال، أرفعُها الإنتخاب، فهو عندهم العنوان الواضح للحرية... والميزان العادل لاختيار الشعب.. اما في الجزائر، فالانتخابات، منذ سُنت، لعبة لاعب، وسُخرية ساخر، ورهينة استبداد، ولدت شوهاء ناقصة، وما زالت متراجعة، ناكصة...).
(... وحسب الاستعمار "ديمقراطية" ان يحاكم معلمي العربية والإسلام، ويسجنهم على التعليم كما يحاكم المجرمين ويسجنهم على الاجرام، في محكمة واحدة، وسجن واحد، وظرف واحد،... أليست هذه هي الديمقراطية؟؟... فما لكم تكذبون؟؟؟).
وهكذا صار (الانتخاب وبالاً على الامة، ووباء، وذهب بالبقية المُدخرة من الاخلاق الصالحة هباء).
وما نراه اليوم في ديمقراطية المنطقة الخضراء في العراق الا نبوءةً محققة للإبراهيمي في: موسم النفاق في العراق، والتسابق على الكراسي لكل المعوقين سياسيا، والاصطراع على المناصب بين عوام الساسة من الجهلة والمنافقين والمتجاهلين لطبيعة وحقائق الصراع الحضاري...
ومع كل هذا السيرك الذي نشهده نرى ونسمع كيف يُطلبَ الى هذا أو ذاك الشخص المنبوذ في وطنه "عادت لِعِترِها لميس"، ويسمونه تملقا [الناخب]، لمجرد انه ضحية مسجلة في سجل قوائم البطاقة التموينية او في سجلات الحالة المدنية مع بقية الجياع الآخرين من متشردي أبناء العراق في وطنهم، يحثه الاعلام العميل صباح مساء أن يذهب الى مكان معلوم في يوم مشهود كي يصبغ إبهامه بالحبر الازرق، كي يختار شخصاً أو قائمة لا يعرفهما، أو ليُزكيَ برنامجا لا يفهمه.. ويتيح الفرصة، جاهلا بالآتي من يحكمه وخلفه حراب الاحتلال.
نعم "عادت لِعِترِها لميس"، ومثلها مريم وهن لا يخجلن.... وهم لا يخجلون
.. انهم أحصنة الديمقراطية في سباق ليس منا يأتي حصاده في زمن النفاق.

ليست هناك تعليقات: